من المتوقع أن يحقق قطاع الاستشارات في منطقة الخليج إنجازًا هامًا في عام 2025، حيث تشير التوقعات إلى أن قيمة السوق ستصل إلى 8 مليارات دولار. إلا أن هذا النمو يأتي في ظل فترة من تباطؤ التوسع، مدفوعًا بشكل رئيسي بانخفاض الإنفاق العام وتغير الظروف الاقتصادية.
تحديات المشهد الاقتصادي الحالي
شهدت دول مجلس التعاون الخليجي، التي تضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وعُمان والبحرين، إنفاقًا حكوميًا قويًا، مما عزز الطلب على الخدمات الاستشارية في قطاعات متنوعة، مثل البنية التحتية والتكنولوجيا والاستشارات الحكومية. إلا أن التحولات الأخيرة في البيئة الاقتصادية العالمية، إلى جانب التعديلات المالية الداخلية، دفعت حكومات المنطقة إلى إبطاء وتيرة بعض مبادرات الإنفاق العام.
وقد أثر هذا التضييق في الميزانيات على العديد من مجالات الاستشارات، وخاصة تلك المتعلقة بالمشاريع العامة واسعة النطاق. ولكن حتى في ظل هذه التحديات، يواصل سوق الاستشارات في الخليج نموه، وإن بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة.
المرونة في الطلب على خدمات الاستشارات
رغم هذه التحديات الاقتصادية، لا يزال الطلب على خدمات الاستشارات المتخصصة قويًا. وتساهم عدة عوامل في مرونة سوق الاستشارات الخليجية:
-
جهود التنويع: مع استمرار دول الخليج في تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، تزداد الحاجة إلى استشارات الخبراء في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة والتمويل. وتشهد شركات الاستشارات ذات الخبرة في هذه القطاعات الناشئة طلبًا متزايدًا..
-
التحول الرقمي: مع التقدم التكنولوجي السريع، تستثمر العديد من المؤسسات في المنطقة في التحول الرقمي، مما يُعزز الحاجة المستمرة لمستشاري تكنولوجيا المعلومات، وخبراء الأمن السيبراني، ومحللي البيانات. هذا التوجه، الذي تدعمه مبادرات القطاعين العام والخاص، يُسهم في تعويض التراجع في مشاريع استشارات البنية التحتية التقليدية.
-
خطط الرؤية الاقتصادية: تُغذّي رؤية 2030 والمبادرات المماثلة في دول الخليج الأخرى مشاريع طويلة الأجل تتطلب خدمات استشارية متخصصة. وبينما يواجه بعض هذه المشاريع تأخيرات بسبب قيود الميزانية، لا يزال العديد منها قيد التنفيذ، وإن بوتيرة أبطأ، مما يُسهم في استمرار الطلب على الاستشاريين.
التنقل في ظل التباطؤ
لمواجهة التباطؤ الاقتصادي الحالي، تُركز شركات الاستشارات على الأسواق المتخصصة والقطاعات التي لا تزال نشطة. ومع اشتداد المنافسة، تسعى الشركات إلى تعزيز عروض القيمة الخاصة بها، مع التركيز على المرونة والخبرة المتخصصة في كل قطاع. وتُعد الحاجة إلى ابتكار شركات الاستشارات وتكييف خدماتها مع المتطلبات المتغيرة للمنطقة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يُسهم التحول نحو مشاريع أكثر استدامةً وطويلة الأجل، لا سيما في مجالات مثل الطاقة المتجددة والمدن الذكية، في دفع عجلة النمو المستقبلي. ويُسهم التزام منطقة الخليج بأن تصبح رائدةً عالميًا في مجال الاستدامة في خلق فرص استشارية جديدة، لا سيما في مجال التقنيات البيئية والخضراء.
التطلع إلى الأمام
على الرغم من التحديات التي يفرضها تشديد الميزانيات وتباطؤ النمو، لا يزال سوق الاستشارات في الخليج جزءًا حيويًا من النسيج الاقتصادي للمنطقة. ومع استمرار الحكومات والشركات الخاصة في إعطاء الأولوية للابتكار والتنويع، تتمتع شركات الاستشارات بمكانة جيدة للاستفادة من الفرص الجديدة في السنوات القادمة. وتُعد توقعات نمو القطاع البالغة 8 مليارات دولار أمريكي لعام 2025 دليلًا على قوة قطاع الاستشارات المستمرة، حتى في ظل حالة عدم اليقين.